Cedar Centre For Legal Studies

دراسة حالة

تعذيب قاصرين اثنين على يد عناصر أمنية في شكا: قضية إنتهاك، إكراه، وانتقام

08/08/2025

Close-up of hand holding kid hands with handcuffs

الخلفية

تتعلق هذه القضية بشقيقين قاصرين، يبلغان من العمر 15 و16 عاماً، كانا يعملان إلى جانب والدهما وشقيقهما الأكبر في مزرعة لتربية المواشي في منطقة شكا شمال لبنان، يملكها أحد عناصر القوى الأمنية اللبنانية. وقد اتسمت علاقة العمل بخلاف مالي حول أجور غير مدفوعة.

في إحدى الأمسيات، وبينما كان الفتيان وصديق سوري لهما عائدين من موعد حلاقة شعر بعد أن استدعاهما أحد زملائهما في المزرعة، تعرّضوا لكمين من قِبل صاحب المزرعة (وهو عنصر في القوى الأمنية) وعدد من عناصر الأمن الآخرين. وقد وُجِّهت إليهم تهمة ذبح ماعز وأكلها، فتعرض الفتيان للضرب المبرح والتعذيب في المكان نفسه قبل أن يُنقلا إلى سجن الهري في شكا.

تسلسل الأحداث والادعاءات

بعد توقيف القاصرين والاعتداء عليهم، حاول والداهم حل المسألة عبر التوجه إلى مخفر شكا، إلا أن الضابط المسؤول رفض الدخول في أي حوار، بحسب ما أفادت العائلة. لاحقًا، أفادت العائلة أن محققًا عسكريًا عرض إغلاق الملف مقابل رشوة قدرها 5000 دولار، وهو ما رفضته الأسرة.

وكان أحد زملائهما في المزرعة قد سجّل الاعتداء سراً وشارك التسجيل مع العائلة. وعلى الرغم من أن الضابط وعد بإلغاء محضر الاستجواب إذا تم حذف الفيديو، فإنه مضى في اتخاذ الإجراءات القانونية، ويُزعم أنه أجبر الفتيان على توقيع اعترافات كاذبة تحت التهديد بمزيد من التعذيب. وبسبب خوفهم على سلامتهم، لم يتقدم الضحايا بشكوى أو يطلبوا رعاية طبية. وبعد أيام، تم توقيف الوالدين تعسفياً من دون أي مبرر قانوني، ولم يُفرج عنهما إلا بعد تدخل قانوني. وبحسب الرواية، واصل الضابط أعمال الانتقام من خلال تهديد مالك المنزل الذي تسكنه العائلة ومحاولة دفعه لطردهم.

الإجراءات القانونية

في 25 حزيران 2025، تقدم المحامي محمد صبلوح، رئيس برنامج الدعم القانوني في مركز سيدار للدراسات القانونية، بشكوى جزائية باسم العائلة أمام النيابة العامة في محكمة استئناف شمال لبنان.

وشملت الخطوات القانونية اللاحقة:

  • 18 تموز 2025: تم تقديم طلب لتعيين طبيب شرعي.
  • 23 تموز 2025: تم إجراء فحوصات طبية للضحايا من قبل طبيب شرعي في مخفر وسجن البترون.
  • 25 تموز 2025: أدلى القاصران بشهاداتهما الرسمية عبر ممثلهم القانوني بعد تحويل الملف إلى فرع التحري.

عقب نشر الأستاذ صبلوح مقطع فيديو يوثق تعذيب القاصرين وتواصله المباشر مع وزير الداخلية، تم توقيف الضابط المتهم لمدة ست ساعات فقط قبل الإفراج عنه.
وفي ما يتعلق بشكوى التعذيب التي تقدم بها الأستاذ صبلوح، فقد انتهى التحقيق وأُعدّ تقرير رسمي، ومن المتوقع إحالة الملف إلى مكتب المدعي العام في طرابلس لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.
ورغم أن القاصرين في حالة جسدية مستقرة حالياً، إلا أنهما ما زالا يعانيان من صدمات نفسية حادة، تفاقمت بفعل التهديدات المستمرة التي تطالهما وتطال أسرتهما.

المطالب الواردة في الشكوى

تدعو الشكوى إلى:

  1. فتح تحقيق شامل في إجراءات التوقيف والتحقيق الأولية.
  2. تعيين طبيب شرعي لتوثيق الأدلة الجسدية على التعذيب.
  3. ملاحقة الجناة بموجب:
    • المادة 37 من القانون 105/2018 بشأن الإخفاء القسري والتعذيب.
    • المادة 367 من قانون العقوبات اللبناني.
    • المادتين 47 و32 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
  4. ملاحقة حادثة التعذيب بموجب القانون 65/2017 بشأن تجريم التعذيب.
  5. إحالة القضية إلى القضاء العدلي وفقًا للمادة 15 من القانون 65/2017.
  6. تعليق عمل المتهمين فورًا إلى حين خضوعهم لإعادة تأهيل أخلاقي ومهني.


الانتهاكات الموثقة

تعكس هذه القضية انتهاكات جسيمة للقانون اللبناني والالتزامات الدولية لحقوق الإنسان التي التزمت بها الدولة اللبنانية:

  • التعذيب والاعتداء الجسدي: ضرب القاصرين من قبل عناصر أمنية، كما وثقته الكاميرا، يُعد انتهاكًا واضحًا للقانون 65/2017 الذي يجرّم التعذيب من قبل الموظفين العموميين، ويخالف المادة 401 من قانون العقوبات اللبناني، والمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 1 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
  • الاعتراف القسري: تهديد القاصرين بالتعذيب الكهربائي لانتزاع اعترافات يخالف المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والمادة 15 من اتفاقية مناهضة التعذيب.
  • الاحتجاز التعسفي: توقيف والدي القاصرين دون مبرر قانوني أو مذكرة قضائية ينتهك المادة 8 من الدستور اللبناني، والمادة 9 من العهد الدولي، وميثاق حقوق الإنسان العربي.
  • محاولة الرشوة: طلب المحقق رشوة قدرها 5000 دولار لإغلاق الملف يُعد انتهاكًا للمادتين 351–357 من قانون العقوبات اللبناني، ويقوض الحق في الوصول المتكافئ إلى العدالة بموجب المادة 14 من العهد الدولي.
  • التهديد والترهيب: استخدام المنصب الرسمي لتهديد العائلة وإكراه مالك المنزل يُعد إساءة استخدام للسلطة، وقد يندرج تحت المادة 376 من قانون العقوبات، وينتهك المادة 2 من اتفاقية مناهضة التعذيب.
  • عرقلة العدالة: عرض إسقاط القضية مقابل حذف الأدلة يُعد تلاعبًا بالإجراءات القضائية ويخالف المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
  • الضرر النفسي: المعاناة النفسية الطويلة التي تعرض لها القاصران، كما يتضح من تكرار عباراتهما مثل “رح يقتلنا”، تُبرز الأثر النفسي للتعذيب وتؤكد التزام الدولة بضمان إعادة التأهيل والحماية للضحايا بموجب المادة 14 من اتفاقية مناهضة التعذيب.


الخلاصة

تعكس هذه القضية نمطا متجذرا من الانتهاكات، وتؤكد على الحاجة الملحّة إلى المساءلة المؤسسية، وإجراء تحقيقات مستقلة، ووضع آليات فعّالة لحماية الضحايا.