Cedar Centre For Legal Studies
14 تشرين الثاني 2024
في ضوء التصعيد الأخير والمثير للقلق للهجمات الإسرائيلية العشوائية واسعة النطاق في جميع أنحاء لبنان؛ تدعو المنظمات الموقعة أدناه المجتمع الدولي للضغط بوضوح وحزم من أجل فرض وقف فوري لإطلاق النار في لبنان.
تتبادل إسرائيل وحزب الله إطلاق النار عبر الحدود منذ أكتوبر 2023. وعلى مدار عام تقريبًا، تم احتواء القتال بين الطرفين في الغالب في المناطق الحدودية بين لبنان وإسرائيل. لكن منذ منتصف سبتمبر 2024، صعّدت إسرائيل هجماتها في لبنان بشكل كبير، فدمرت البنية التحتية المدنية، وقتلت عشرات المدنيين في جميع أنحاء البلاد. ومنذ 23 سبتمبر، قُتل أكثر من 2,600 شخص –غالبيتهم من المدنيين، فيما يخضع قرابة ربع سكان البلاد لأوامر الإجلاء، إلى جانب إجبار أكثر من 1.2 مليون شخص على النزوح قسرًا، بمن فيهم أكثر من 460,000 لبناني وسوري عبروا الحدود إلى سوريا، علمًا بأن سوريا لا تزال غير آمنة لعودة اللاجئين السوريين. إذ تم اعتقال العشرات من العائدين عند الحدود، فيما يواجه آخرون خطر الاعتقال والاضطهاد في المستقبل.
في 17 سبتمبر، صعدت إسرائيل حربها على لبنان بهجمات أجهزة النداء الآلي وأجهزة الاتصال اللاسلكي العشوائية؛ إذ فخخت إسرائيل آلاف الأجهزة، مما أسفر عن مقتل 32 شخصًا، بينهم طفلان، وتشويه أو إصابة أكثر من 3000 شخص. تسببت الهجمات في رعب واسع النطاق؛ إذ انفجرت الأجهزة بالتزامن في منتصف النهار في مناطق مدنية؛ كمحلات البقالة، والشوارع العامة، وأثناء جنازة. ووفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية؛ هذه الهجمات محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي، وقد دعت منظمة العفو الدولية لإجراء تحقيق حول هذه الهجمات باعتبارها جرائم حرب.
بعد فترة وجيزة، بدأت إسرائيل في تنفيذ سياسة العقاب الجماعي بقصف وتسوية كتل سكنية بأكملها، وخاصة في الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان ووادي البقاع، مما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية كالمستشفيات والطرق، فضلًا عن تدمير مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية. في السياق نفسه، استخدم الجيش الإسرائيلي التفجيرات بشكل منهجي لتدمير المباني في العديد من القرى اللبنانية الجنوبية، ويشير تقرير لتدمير قرابة 25% من المنازل في 25 بلدية، بما في ذلك المساجد. وقد خلصت هيومن رايتس ووتش لأن إسرائيل استخدمت أيضًا الفسفور الأبيض المتفجر جوًا في مناطق مأهولة بالسكان في جنوب لبنان، ما أسفر عن إصابة قرابة 200 شخص منذ أكتوبر 2023. علمًا بأن استخدام الفسفور الأبيض في المناطق المأهولة بالسكان محظور بموجب القانون الإنساني الدولي بسبب الضرر العشوائي الذي يمكن أن يسببه جراء نشر الدخان والحرائق، وعدم التمييز بين المدنيين والمقاتلين.
في السياق نفسه، تم استهداف النازحين في جميع أنحاء لبنان في الأماكن التي لجأوا إليها؛ ففي 15 أكتوبر، شنت إسرائيل غارة جوية على مبنى من أربعة طوابق، مما أدى لمقتل 22 شخصًا من عائلة واحدة، بينهم طفلان و12 امرأة، بعدما نزحوا من جنوب لبنان ولجأوا إلى قرية عيتو المسيحية المارونية في أقصى شمال لبنان. وقد بلغت هذه الهجمات حد المذابح بحق العائلات النازحة ومن يوفرون لهم المأوى، مما يغذي انعدام الثقة بين المدنيين، والذي يمكن أن يزرع التوترات الطائفية، ويدفع لبنان لاضطرابات مدنية.
هاجمت إسرائيل أيضًا الأشخاص المحميين في لبنان، بما في ذلك العاملين في المجال الصحي، والمسعفين لحالات الطوارئ، وقوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل، والصحفيين. ففي 25 أكتوبر، استهدف الجيش الإسرائيلي منزلًا في بلدة حاصبيا –ذات الأغلبية الدرزية– كان يأوي 18 صحفيًا محليًا وإقليميًا، مما أسفر عن مقتل ثلاثة صحفيين، أثناء نومهم. وكانت سياراتهم أمام المنزل تحمل علامة «صحافة» بوضوح. وهذه هي المرة الأولى لاستهداف البلدة التي لم تتلق أي أوامر إخلاء قبل الغارة. كما وثقت لجنة حماية الصحفيين مقتل ما لا يقل عن 137 صحفيًا في غزة ولبنان منذ أكتوبر 2023، مشيرةً لأن هذا الوقت هو الأكثر دموية للصحفيين منذ تأسيس المنظمة قبل أكثر من 30 عامًا.
وفي أكتوبر أيضًا، تمت مهاجمة قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل 30 مرة، نُسبت 20 منها إلى الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك في 10 أكتوبر حينما فتحت دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي النار على مقر اليونيفيل في الناقورة، فأصابت اثنين من جنود حفظ السلام.
إن هجمات إسرائيل بحق قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام والعاملين في المجال الإنساني، وتجاهلها المستمر لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذا آراء محكمة العدل الدولية؛ تقوض احترام الأمم المتحدة وتعصف بالقانون الدولي والنظام العالمي القائم على القواعد. بالإضافة إلى ذلك، قتلت إسرائيل في أربع هجمات على الأقل العديد من أفراد الجيش اللبناني، رغم عدم تورطهم في النزاع.
منذ أكتوبر 2023، أسفرت الهجمات الإسرائيلية على القطاع الصحي عن مقتل 165 عاملًا صحيًا، وإصابة 262 آخرين. وقد وثقت منظمة الصحة العالمية، خلال الفترة بين 17 سبتمبر و16 أكتوبر 2024، مقتل 72 عاملًا صحيًا وإصابة 43 آخرين. كذا فإن العديد من المستشفيات وقرابة نصف مراكز الرعاية الصحية الأولية في البلاد قد أُجبرت على الغلق نتيجة الهجمات والأضرار التي لحقت بالممتلكات، فيما تعمل العديد من المستشفيات الأخرى بشكل جزئي فقط. كما ترتكب إسرائيل هجمات مزدوجة؛ إذ تضرب موقعًا ثم تنتظر وصول أول المستجيبين قبل الهجوم مرة ثانية. هذه الهجمات المتعمدة بحق الأشخاص المحميين أو البنية التحتية المحمية تمثل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني، وقد أدان قادة من دول أوروبا الضربات المزدوجة في سياقات أخرى.
قبل اندلاع الأعمال العدائية بين حزب الله وإسرائيل في أكتوبر 2023، كان لبنان يواجه بالفعل أزمة متعددة الطبقات. وحاليًا، تواجه البلاد كارثة متفاقمة مع تصعيد إسرائيل لهجماتها، وتدمير مساحات شاسعة من البنية التحتية المدنية في المناطق المكتظة بالسكان في جميع أنحاء البلاد.
ونحن، الموقعون أدناه، ندعو المجتمع الدولي إلى:
التوقيعات: