Cedar Centre For Legal Studies

عنوان الحالة

إعتقال وخطر الترحيل القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي

04/01/2025

نُشر بتاريخ :4 كانون الثاني 2025
تم التحديث بتاريخ: 14 كانون الثاني 2025

مقدمة:

في 28 كانون الأول 2024، تم توقيف الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي في لبنان عند عودته من سوريا بناءً على إشارة صادرة من مجلس وزارء الداخلية العرب، بتهم سياسية ملفقة في مصر مثل التحريض على زعزعة استقرار الدولة ونشر أخبار كاذبة، وذلك بعد طلب السلطات المصرية والإماراتية توقيفه بسبب اتهامات سياسية تتعلق بتحريضه ضد النظام المصري ودعمه للمعارضة، إضافة إلى نشره لفيديو من المسجد الأموي في سوريا. وتعتبر هذه القضية محط اهتمام إعلامي وحقوقي كبير، حيث تثير العديد من القضايا القانونية المتعلقة بحرية التعبير، الحقوق السياسية، واحترام الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك قضية عدم تسليم المعارضين السياسيين إلى دول قد يتعرضون فيها لخطر التعذيب.

عبد الرحمن يوسف القرضاوي هو شاعر ومفكر مصري وُلد في 1970 في قطر ويحمل الجنسية التركية، وابن الشيخ يوسف القرضاوي. تخرج من جامعة القاهرة في الأدب العربي. زار سوريا في 2011 لدعم مطالب الشعب السوري بالحرية والديمقراطية، وانتقد لاحقًا نظام بشار الأسد مع تصاعد الأحداث. اشتهر بأسلوب شعري مميز واهتم بقضايا الأمة العربية والإسلامية، مثل فلسطين وحقوق الإنسان. يلتزم بالقيم الفكرية المعتدلة ويعبر عن هموم الشباب والحرية في أعماله الأدبية.

صدرت بحقه أحكام قضائية مسيسة، منها حكم بالسجن ثلاث سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة. هذه الأحكام جزء من ممارسات قمعية ضد المعارضين تشمل الملاحقات الأمنية وحملات التشويه.

الجدول الزمني للأحداث:

  • 28 كانون الأول 2024: عند عودته من سوريا، أوقف السيد القرضاوي من قبل الأمن العام اللبناني بناءً على إشارة صادرة من مجلس وزراء الداخلية العرب.
  • 29 كانون الأول 2024: وجه مدير البرانامج القانوني في مركز سيدار المحامي محمد صبلوح، رسالة متلفزة للسلطات الأمنية اللبنانية، حيث شدد فيها على ضرورة السماح للقرضاوي بالتواصل مع عائلته للاطمئنان على حالته. كما طالب بالتأكد من عدم تسليم القرضاوي أو مخالفة أي إجراء قانوني يتعلق بحقه في الحماية القانونية والإنسانية.
  • 30 كانون الأول 2024: تم التحقيق مع عبد الرحمن يوسف القرضاوي لمدة ثلاث ساعات من قبل ضابط لبناني. وتم التأكيد على أن التحقيق تم بشكل قانوني من قبل السلطات اللبنانية. أثناء التحقيق، تمت مناقشة الملفين التاليين:
    • الملف الأول: حكم غيابي صدر ضد القرضاوي في مصر عام 2017 بتهمة نشر بيانات كاذبة.
    • الملف الثاني: طلب توقيف من الإمارات بسبب فيديو نشره من المسجد الأموي في سوريا.
  • 30 كانون الأول 2024: التقى القرضاوي مع محاميه، الأستاذ محمد صبلوح، الذي أكد أنه لم يتم التحقيق معه إلا بواسطة ضابط لبناني.
  • 30 كانون الأول 2024: تم تأجيل الاستجواب المباشر مع القرضاوي من قبل مدعي عام التمييز في لبنان، لحين وصول طلب الاسترداد الرسمي من السلطات المصرية. تم إحالة الملف إلى المباحث المركزية لإجراء تحقيق أولي مع القرضاوي بشأن سبب توقيفه.
  • 3 كانون الثاني 2025: القرضاوي يستجوب من قبل المدعي العام التمييزي بحضور أ. محمد صبلوح حول طلب إسترداده من قبل الإمارات العربية المتحدة. وقد ودت معلومات صحفية لبنانية بعد الجلسة بأنّ أمين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكية تسلم تقرير القضاء حول طلب دولة الإمارات العربية المتحدة استرداد القرضاوي، لعرضه على مجلس الوزراء المقرر عقده يوم الثلاثاء المقبل في 07 كانون الثاني 2025. وأوردت نفس المصادر أن مجلس الوزراء اللبناني يتجه إلى تسليم القرضاوي لدولة الإمارات، وهو المطلوب أيضا لمصر بحيث لم تُنجز التحقيقات القضائية بشأن طلب الاسترداد المصري.
  • 3 كانون الثاني 2025: قدم الأستاذ محمد صبلوح مذكرة إلى النائب العام التمييزي حيث طلب إصدار توصية لمجلس الوزراء اللبناني برفض تسليم القرضاوي للسلطات المصرية والإماراتية وتطبيق المادة الرابعة من اتفاقية تسليم المجرمين في جامعة الدول العربية والمادة السادسة والعشرين من اتفاقية لبنان ومصر والمادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب وتنفيذاً للاتفاقيات العربية والدولية وضمان مبدأ حرية إبداء الرأي والتعبير المقدسة والمكفولة عالمياً ودستورياً.
  • 3 كانون الثاني 2025: قدم مركز سيدار للدراسات القانونية نداءاً عاجلاً إلى الفريق العامل المعني بالإحتجاز التعسفي ونسخة من المراسلة إلى المقرر الخاص للتعذيب في الأمم المتحدة، وقد طلب المركز التدخل العاجل لضمان الإفراج الفوري عن السيد القرضاوي، وحث لبنان على الوفاء بالتزاماته الدولية برفض طلبات التسليم إلى مصر والإمارات العربية المتحدة، وضمان الامتثال لاتفاقية مناهضة التعذيب لمنع الإعادة القسرية إلى البلدان التي قد يتعرض فيها للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية.
  • 06 كانون الثاني 2025: قدمت لجنة العدالة ومركز سيدار للدراسات القانونية نداءً عاجلاً مشتركًا إلى المقرر الخاص المعني بالتعذيب ونسخة إلى المقرر الخاص المعني بحرية التعبير لحثهما على منع ترحيل السيد القرضاوي إلى مصر أو الإمارات العربية المتحدة، حيث يواجه خطر التعرض لسوء المعاملة والتعذيب والاختفاء القسري.
  • 7 كانون الثاني 2025: قررت الحكومة اللبنانية ترحيل السيد القرضاوي إلى الإمارات العربية المتحدة، في انتهاك واضح للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها لبنان.
  • 8 كانون الثاني 2025 (صباحًا): قدّم رئيس برنامج الدعم القانوني، المحامي محمد صبلوح، طعنًا بقرار الترحيل أمام مجلس شورى الدولة، وهو أعلى محكمة إدارية في لبنان.
  • 8 كانون الثاني 2025 (لاحقًا): بالرغم من الطعن المقدم والبيان الصحفي الذي أصدرته مجموعة من خبراء حقوق الإنسان المستقلين، مضت الحكومة في تنفيذ قرار الترحيل، وتم ترحيل السيد القرضاوي إلى الإمارات العربية المتحدة.
  • 14 كانون الثاني 2025: قدمت منظمة منّا لحقوق الإنسان ومركز سيدار للدراسات القانونية ومركز مناصرة معتقلي الإمارات نداء عاجلا مشتركا إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي بشأن الاختفاء القسري للسيد القرضاوي. وقد تم تسليمه من قبل شركة رويال جيت، وهي شركة طيران مستأجرة مقرها أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، بناء على طلب السلطات الإماراتية.

  • منذ 14 كانون الثاني 2025: لم تتلق عائلة السيد القرضاوي ومحاميه اللبناني أي معلومات عن مكان وجوده. وعلى الرغم من اعتراف السلطات الإماراتية باحتجازه، إلا أنه لا يزال محتجزًا بمعزل عن العالم الخارجي.

     

الانتهاكات القانونية:

تتضمن قضية توقيف عبد الرحمن يوسف القرضاوي عدة انتهاكات قانونية تتعلق بحقوق الإنسان والقوانين الدولية:

  1. عدم احترام حرية التعبير: يمكن اعتبار الاتهامات الموجهة إلى القرضاوي جزءًا من حملة قمع سياسي تستهدف المعارضين الذين يعبرون عن مواقفهم ضد الأنظمة الحاكمة في مصر والإمارات، مما يشكل انتهاكًا للحق في حرية المعتقد والرأي والتعبير والتجمع السلمي المنصوص عليه في المواد 18 و19 و20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمواد 18 و19 و21 و22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك المادتين 24 و32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
  2. المادة 41 من اتفاقية الرياض للتعاون القضائي: هذه الاتفاقية تستثني الجرائم ذات الطابع السياسي من التعاون القضائي بين الدول العربية، ما يجعل تسليم القرضاوي غير قانوني وفقًا لهذه المادة. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنّ المادة 28 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان تحظر صراحةً تسليم اللاجئين السياسيين.
  3. المادة 4 من اتفاقية تسليم المجرمين في جامعة الدول العربية: تحظر هذه المادة تسليم المطلوبين إذا كان الطلب مبنيًا على جرائم ذات طابع سياسي. وبالتالي، فإن الطلبات المقدمة من مصر والإمارات لتسليم القرضاوي تفتقر إلى الأساس القانوني وفقًا لهذه الاتفاقية.
  4. المادة 34 من قانون العقوبات اللبناني: تنص هذه المادة على أنه لا يجوز تسليم أي شخص إذا كانت الجريمة المزعومة ذات طابع سياسي، مما يعزز موقف رفض تسليم القرضاوي باعتباره محميًا بموجب القوانين اللبنانية.
  5. المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب: تنص هذه المادة على عدم جواز تسليم أي شخص إلى دولة يُحتمل أن يتعرض فيها للتعذيب أو المعاملة القاسية. وبالنظر إلى السجل الحقوقي في مصر والإمارات، يمكن اعتبار تسليم القرضاوي خطرًا حقيقيًا على حياته.
  6. استغلال الاتفاقيات الأمنية الدولية: يُعد احتجاز عبد الرحمن يوسف القرضاوي استغلالًا غير مشروع للاتفاقيات الأمنية الدولية لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين. ويكشف عن استخدام التعاون الأمني كأداة لقمع الحريات وتقييد حقوق التعبير. يُذكر لبنان بالتزاماته الدولية، خاصة بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تحظر ترحيل أي شخص إلى دولة قد يتعرض فيها لخطر التعذيب أو سوء المعاملة.
  7. وكإجتهاد أممي، حثت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة أثناء إستعراض الأردن في كانون الأول 2024، الدولة الطرف على: (أ) ضمان احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية بشكل صارم في الممارسة العملية؛ و(ب) ضمان خضوع قرارات الترحيل، بما في ذلك تلك المتخذة استجابة لطلبات من مجلس وزراء الداخلية العرب، لعملية مراجعة قضائية مستقلة تسمح للفرد المتضرر بالطعن في القرار أمام محكمة محايدة.

خاتمة:

تعد قضية توقيف عبد الرحمن يوسف القرضاوي في لبنان قضية حساسة ومعقدة تطرح العديد من القضايا القانونية والسياسية. الانتهاكات التي تعرض لها القرضاوي تشير إلى وجود تصعيد سياسي في المنطقة، حيث يجري استخدام القضاء كأداة للانتقام السياسي. كما تثير القضية تساؤلات حول التزام لبنان بالاتفاقيات الدولية واحترام حقوق الإنسان، خصوصًا في ما يتعلق بتسليم المعارضين السياسيين إلى دول قد يتعرضون فيها للخطر.

إن الإجراءات القانونية المتبعة في هذه القضية، تثير العديد من المخاوف القانونية. وتستمر المنظمات الحقوقية في الضغط على لبنان لضمان احترام الحقوق الأساسية وعدم تسليم القرضاوي إلى دول قد تتعرض فيها حياته للخطر. في النهاية، يجب على السلطات اللبنانية الامتثال للاتفاقيات الدولية الموقعة، التي تحظر تسليم الأفراد إلى دول قد يتعرضون فيها لخطر التعذيب. من هذه الاتفاقيات اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وبالتالي، يمكن للبنان أن يتجنب تسليم القرضاوي إلى مصر او إلى الإمارات بحجة أن هناك خطرًا حقيقيًا من التعذيب أو الاضطهاد السياسي.

وبالنظر إلى المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على حق الأفراد في طلب اللجوء في دول أخرى إذا كانوا يواجهون خطر الاضطهاد في بلادهم. بما أن عبد الرحمن القرضاوي يحمل الجنسية التركية، فقد طالبت تركيا بتسليمه إليها بدلًا من تسليمه إلى مصر أو إلى الأمارات. ومن المهم الإشارة إلى أن تسليمه إلى تركيا قد يُعتبر خطوة أكثر أمانًا بالنسبة له، حيث لن يواجهه في تركيا نفس المخاطر التي يواجهها في مصر.