طاولة مستديرة حول قانون 65/2017: بين الإقرار وغياب التفعيل
09 تشرين الأول 2025
نظم مركز سيدار للدراسات القانونية (CCLS) طاولة مستديرة بعنوان “قانون 65/2017: بين الإقرار وغياب التفعيل“ في مطعم دار القمر في طرابلس، ضمن مشروع “خدمات إعادة التأهيل ذات جودة ومستدامة لضحايا التعذيب في شمال لبنان” الذي تدعمه السفارة النرويجية. هدفت الطاولة إلى تقييم واقع تطبيق القانون، تعزيز الحوار بين الجهات القضائية والطبية والنقابية والمدنية، وصياغة توصيات عملية لتعزيز التنفيذ وحماية حقوق الضحايا.
شارك في اللقاء أكثر من 30 شخصًا، مثّلوا جمعيات محلية ومنظمات حقوقية دولية ونقابات مهنية ومحامين/ات وإعلاميين، إلى جانب شخصيات بارزة من مختلف القطاعات، من بينهم الوزير السابق سمير الجسر، ونقيب المحامين السابق الأستاذ محمد مراد، والأستاذة رضا عزار ممثلة الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب في لبنان، وممثلون عن المركز اللبناني لحقوق الإنسان، ومركز ريستارت لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ويورو ميد للحقوق، وجمعية سُعاة للتنمية الاجتماعية، وجمعية الإصلاح والتأهيل، والتجمع النسائي الديمقراطي اللبناني (RDFL)، وروّاد التنمية، ومؤسسة رينيه معوّض (RMF)، والاتحاد لحماية الأحداث في لبنان، إضافة إلى رجال دين وعدد من النشطاء والحقوقيين، ما أضفى على النقاش طابعًا شاملًا وتشاركيًا غنيًا بالخبرات والرؤى.
كلمة المدير التنفيذي لمركز سيدار
افتُتحت الجلسة بكلمة ترحيبية من مركز سيدار، تلتها النشيد الوطني اللبناني، ثم تعرف المشاركون على بعضهم البعض والجهات التي يمثلونها.
بعد ذلك، كانت هناك وقفة مع المدير التنفيذي لمركز سيدار، أ. سعد الدين شاتيلا، الذي استعرض برامج مركز سيدار إضافة إلى تطور المركز في كانون الأول 2024 عندما إفتتح مركز لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب في طرابلس ، وأوضح أن مركز إعادة التأهيل يقدم خدمات متعددة التخصصات تشمل الدعم النفسي والاجتماعي والطبي والقانوني للضحايا، بهدف مساعدتهم على إعادة بناء حياتهم، مؤكدًا أن المركز استقبل أكثر من 89 حالة حتى الآن. وأوضح شاتيلا أن مركز إعادة التأهيل يمثل خطوة عملية لدعم تطبيق قانون 65/2017 وتعزيز حماية حقوق ضحايا التعذيب.
العرض التقديمي لقانون 65/2017
قدّم رئيس البرنامج القانوني في مركز سيدار، المحامي محمد صبلوح، عرضًا موجزًا حول القانون وأهدافه.
أوضح صبلوح أن القانون، الذي أقره مجلس النواب في 19 أيلول 2017، يهدف إلى تجريم التعذيب وكل أشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ووضع تعريف قانوني واضح، وتحديد العقوبات المناسبة للمرتكبين، وحماية الضحايا وضمان حقهم في التعويض وإعادة التأهيل، بما يتوافق مع المعايير الدولية، خاصة اتفاقية مناهضة التعذيب.
كما استعرض تعريف التعذيب وفق المادة (1) من القانون، مؤكدًا أن الجريمة غير قابلة للتقادم، وأنه لا مبرر للتعذيب تحت أي ظرف، بما في ذلك الحرب أو أوامر المسؤولين.
وأشار صبلوح إلى أن تطبيق القانون يواجه تحديات عدة، أبرزها غياب المراسيم التنفيذية، ضعف الإرادة السياسية، نقص آليات المراقبة، ومحدودية الموارد لدعم الضحايا، ما يؤدي إلى استمرار الانتهاكات وتأثيرات سلبية على المجتمع.
كما شدّد على أهمية دور الأطباء الشرعيين في توثيق الانتهاكات وتقديم الأدلة الطبية للمحاكم، بما يتوافق مع بروتوكول إسطنبول ويضمن حماية حقوق الضحايا.
وأشار صبلوح أيضًا إلى ثغرات وملاحظات في القانون، مثل الحاجة لتوضيح تعريف التعذيب وتوسيع نطاقه، مراجعة مسألة التقادم، وضع هيكلية واضحة للتعويض وإعادة التأهيل، وتحديد دور الطب النفسي في تقديم تقييمات دقيقة لدعم المساءلة القانونية.
واختتم العرض بالتأكيد على الدور الحيوي لمركز سيدار في سد النقص الحكومي، من خلال تقديم خدمات متعددة التخصصات للضحايا تشمل الدعم النفسي والاجتماعي والطبي والقانوني، بما يعزز تطبيق القانون ويمكّن الضحايا ويقوي الثقة بالمجتمع المدني والقضاء.
النقاش والمحاور الرئيسية
تضمن البرنامج عرض فيديو توعوي حول القانون وأهميته، ثم مناقشة محاور رئيسية:
الجزء الأول – الإطار القانوني والدور الطبي:
- العقبات أمام القضاة في توصيف جريمة التعذيب والعلاقة مع المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
- دور الأطباء الشرعيين في توثيق الانتهاكات وفق بروتوكول إسطنبول، والتحديات التي تواجه استقلالية عملهم.
الجزء الثاني – دور الجمعيات والنقابات والتوصيات:
- مساهمة النقابات والجمعيات الحقوقية في التوثيق والدعم القانوني، وتعزيز التنسيق بين الجهات المختلفة.
- صياغة توصيات عملية لتفعيل القانون، تحديد الثغرات، وآليات الوقاية والمحاسبة.
النقاش المفتوح وتبادل الخبرات
شهدت الطاولة المستديرة نقاشًا مفتوحًا ومتواصلًا في جميع المحاور، حيث أتيحت لكل المشاركين فرصة إبداء آرائهم وملاحظاتهم وطرح تساؤلاتهم، لا سيما فيما يتعلق بتطبيق قانون 65/2017 والتحديات التي تواجهه على أرض الواقع. وقد أظهرت هذه التفاعلات التنوع الكبير في وجهات النظر والخبرات بين القضاة، الأطباء الشرعيين، المحامين، ممثلي الجمعيات الحقوقية، الإعلام، والجهات المدنية، ما أثرى النقاش وفتح المجال لتبادل أفضل الممارسات والتجارب.
كما تم خلال النقاش التطرق إلى قصص واقعية من أرض الواقع، توضح حالات تعذيب وتعنيف تعرض لها أشخاص بدون أي حماية أو احترام لكرامة الإنسان، ما أكد على الانتهاكات اليومية المستمرة في لبنان. وتناول المشاركون تأثير هذه الانتهاكات على جميع الفئات، مؤكدين أن التعذيب لا يقتصر على البالغين أو القاصرين فقط، بل أصبح يشمل الجميع.
وأشار الحضور إلى الحاجة الملحة لتعزيز التعاون بين جميع الجهات، بما في ذلك القضاء، الطب الشرعي، النقابات، والجمعيات الحقوقية، لتفعيل القانون بشكل كامل، توفير الحماية للضحايا، وضمان محاسبة مرتكبي التعذيب، مع التركيز على إجراءات وقائية واستباقية لمنع وقوع الانتهاكات مستقبلًا.
صياغة التوصيات المشتركة
تم توزيع أوراق على المشاركين لتدوين توصياتهم العملية لتفعيل القانون 65/2017، ثم جُمعت هذه التوصيات على أمل صياغتها لاحقًا في بيان ومشاركته مع الجميع، بهدف الضغط لتفعيل القانون وضمان تطبيقه بشكل كامل، مع التركيز على آليات الوقاية والمحاسبة، وتفعيل دور القضاء، الطب الشرعي، والنقابات في حماية الضحايا.
الختام
اختُتمت الطاولة المستديرة بكلمة من مركز سيدار، أكدت على أهمية متابعة العمل المشترك بين الجهات القضائية والطبية والنقابية والمدنية، وتحويل النقاشات إلى خطوات عملية لضمان أن يصبح القانون 65/2017 أداة حقيقية لمكافحة التعذيب وصون كرامة الإنسان في لبنان.