Cedar Centre For Legal Studies
الخلفية
في أوائل عام 2025، لجا والدا حالة تعذيب X(اكس) إلى مركز إعادة تأهيل ضحايا التعذيب في طرابلس، الذي يُديره مركز سيدار للدراسات القانونية (CCLS) .كان ابنهما محتجزًا وتعرض وفقا للمعلومات لأعمال تعذيب تندرج تحت التعريف الوارد في المادة ١ من القانون رقم ٦٥/٢٠١٧.
وبينما تنص المادة ١(ج) من قانون معاقبة التعذيب على جواز إصدار أمر قضائي بإعادة التأهيل، لم يصدر أي قرار قضائي من هذا القبيل في هذه القضية حتى الآن.
ومع ذلك، قدم مركز سيدار دعمًا نفسيا واجتماعيا وقانونيا شاملاً للأسرة، إدراكًا منه أن غياب الأمر القضائي يجب ألا يكون عائقًا أمام تقديم الرعاية اللازمة بشكل عاجل.
“عندما توجهنا إلى مركز إعادة تأهيل ضحايا التعذيب في طرابلس، التابع لمركز سيدار، كان ابننا لا يزال في السجن ويتعرض للتعذيب. كانت معاناته السبب الرئيسي لسعينا للحصول على الدعم، حيث كنا أيضاً نمر بألم نفسي شديد بسبب احتجازه وسوء المعاملة التي تعرض لها“، قال الوالدان.
على الرغم من أن قانون معاقبة التعذيب لا يضمن الوصول التلقائي إلى إعادة التأهيل، إلا أن مركز سيدار عمل وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان – وتحديدًا اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، التي صادق عليها لبنان – لتوفير الدعم النفسي والاجتماعي الفوري للعائلة.
تم تطوير خطة رعاية شخصية بعد تقييم أولي أجرته الأخصائية الاجتماعية والإخصائية النفسية في المركز.
“بصفتنا والدي حالة تعذيب (اكس)، شاركنا في عدة جلسات دعم نفسي -اجتماعي، وتلقينا مستوى عالٍ من الرعاية والاحترافية. يضم المركز فريقاً متكاملاً ومؤهلا بالكامل ويفهم حقًا ما تمر به العائلات مثلنا“، أضاف الوالدان.
تلقت الأسرة رعاية متابعة مستمرة من خلال جلسات فردية وعائلية. وبعد زيارة ابنهم في السجن ومشاهدة آثار التعذيب بشكل مباشر، عانى الوالدان من صدمة نفسية متجددة، فقدم المركز لهم إثرها تدخلات علاجية.
قال الأب: “لم أكن أؤمن يومًا بفعالية العلاج النفسي، ولم أكن مقتنعًا بقيمته. لكن عندما استقبلني المركز بعناية ودعم حقيقيين، ومنحني فرصة حضور عدة جلسات علاجية، بدأت أدرك أهميته حقا—خاصة لنا، نحن آباء ضحايا التعذيب. نحن أيضًا نتحمل وطأة هذا الألم، ولا شك أننا ضحايا غير مباشرين لما عانيناه.”
وأضافت الأم: “أصبح هذا المركز ملاذًا آمنًا لي ولزوجي. ساعدنا على إعادة بناء أنفسنا نفسيًا واجتماعيًا، وزودنا بالتقنيات والتمارين والأدوات الأساسية التي تُمكّننا الآن من دعم ابننا عاطفيًا في المنزل. فدورنا لا يقل أهمية عن دور المركز في مساعدة ابننا على التعافي من صدمة التعذيب والسجن. اليوم، نشعر بمزيد من السلام والقوة، وأكثر استعدادًا لمواجهة واقعنا بأمل. نركز الآن على تحويل معاناتنا وإرهاقنا النفسي إلى أمل بمستقبل أكثر إشراقًا – لابننا، ولأنفسنا”.
بالرغم من أن القانون لا يُلزم السلطات بتوفير إعادة التأهيل دون أمر قضائي، فقد دعم مركز سيدار الأسرة قانونيًا طوال هذه المرحلة، وسعى جاهدًا لإطلاق سراح ابنهم.
قال الوالدان: “ساعدنا الفريق القانوني على فهم إجراءات المحكمة ومنحنا الثقة بأننا لسنا وحدنا“.
استمر المركز في تقديم الدعم بعد إطلاق سراح الابن. على الرغم من أن قانون معاقبة التعذيب لا يضمن إعادة التأهيل إلا بأمر قضائي، إلا أن مركز سيدار يُدرك الأهمية الأخلاقية والإنسانية لدعم الناجين وعائلاتهم.
“ما زلنا نستفيد من خدمات مركز إعادة تأهيل ضحايا التعذيب في طرابلس، الذي يُديره مركز سيدار للدراسات القانونية، ومن دعمه المستمر طوال رحلة تعافينا.”
الخاتمة
تُسلّط هذه القضية الضوء على القيود والإمكانيات التي ينطوي عليها قانون معاقبة التعذيب اللبناني رقم 65/2017 عمليًا. حيث تحدد المادة 1 التعذيب بشكل واسع وتؤكد حظره تحت أي ظرف. كما تُقرّ بإمكانية إعادة تأهيل الضحايا، ولكن وفقًا لتقدير المحكمة فقط، كما هو منصوص عليه في المادة 1(ج).
في هذه القضية، لم يصدر أي قرار قضائي حتى الآن بمنح إعادة التأهيل، مما يعكس اتجاهًا أوسع نطاقًا، حيث نادرًا ما يلجأ القضاء إلى هذا البند.
ورغم ذلك، قدم مركز سيدار للدراسات القانونية دعمًا قانونيًا ونفسيًا واجتماعيا شاملاً للأسرة، مدركا بأن الوصول إلى إعادة التأهيل والعدالة يجب ألا يكون مشروطًا. وقد دعم الفريق القانوني الأسرة طوال العملية القانونية حتى إطلاق سراح ابنها.
ومن خلال تقديم هذا الدعم حتى في غياب أمر قضائي، لعب المركز دورًا حيويًا في الحماية، وأوفى بروح المعاهدات الدولية التي صدّقت عليها لبنان، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي تؤكد على حق الضحايا في الإنصاف، بما في ذلك إعادة التأهيل.
هذه الحالة تُظهر أنه إلى أن تُطبق المحاكم اللبنانية المادة 1(ج) بشكل مستمر، يجب على منظمات المجتمع المدني أن تستمر في سد هذه الفجوة، لضمان أن يكون الحق في إعادة التأهيل واقعًا ملموسًا وليس مجرد نظرية.