Cedar Centre For Legal Studies
بمناسبة 6 شباط، اليوم الدولي لإحياء ذكرى الموتى والمفقودين على الحدود وفي البحر، نظّم مركز سيدار للدراسات القانونية لقاءً تضامنياً عند مستديرة البحصاص، المدخل الجنوبي لمدينة طرابلس، شمال لبنان. حضر اللقاء عدد من الشخصيات البارزة، منهم رئيس بلدية طرابلس الدكتور رياض يمق، ممثلون عن نواب المدينة، نقابات، جمعيات محلية ودولية، هيئات المجتمع المدني، بالإضافة إلى الإعلام وأهالي ضحايا مراكب نيسان، قبرص وطرطوس. هؤلاء الذين فقدوا حياتهم أثناء محاولتهم عبور الحدود أو البحر بحثاً عن حياة أفضل وأكثر كرامة. كانت المناسبة فرصة للتعبير عن التضامن مع هؤلاء الضحايا وأسرهم، وللتذكير بمعاناتهم في وجه تحديات الهجرة والمخاطر التي يواجهها الكثيرون في رحلتهم من أجل العيش بكرامة.
استُهل النشاط بالنشيد الوطني اللبناني، تلاه كلمة ترحيبية ألقتها المحامية في مركز سيدار للدراسات القانونية سماح عيسى، حيث شكرت الحضور قائلة:
‘نشكركم على تلبية دعوتنا لهذا اللقاء الذي يحمل عنوان “نعم لحرية التنقل، لا للنسيان ولا للعفو.” هذا اليوم الذي يصادف السادس من شباط هو اليوم الدولي لإعادة إحياء ذكرى الموتى والمفقودين على الحدود وفي البحار.'”
في السياق نفسه، كانت هناك مداخلة مؤثرة من الشهيد الغريق الحي غازي قدور، الذي قال:
‘تحية من القلب لكل من واجه الموت بحثًا عن حياة كريمة. أنا الشهيد الغريق الحي، فقدت أخي محمد قدور الذي قضى غرقًا في زورق الموت بتاريخ 23 نيسان 2022. هذا التاريخ الأسود ما زال محفورًا في ذاكرتي.
أتوجه إلى فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية، جوزف عون: حضرتك أقسمت يمينك الأولى خلال مسيرتك كقائد للجيش اللبناني، ثم أقسمت يمينك الثانية عندما أصبحت رئيسًا للجمهورية أمامنا وأمام السفراء والعالم أجمع.
نأمل في عهدك، وتحت يمينك الذي أقسمت، أن تنظر في ملف زورق الموت الذي غرق في 23 نيسان 2022، وأن تحقق العدالة بمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة البشعة بحقنا وبحق أهالي طرابلس الأبرياء. كما نتمنى أن تنصف هؤلاء الضحايا وتعوضهم بما يليق بآلامهم وأوجاعهم.'”
وألقى مدير البرنامج القانوني في مركز سيدار للدراسات القانونية، الأستاذ محمد صبلوح، كلمة خاصة توجه فيها إلى الإعلام وأهالي المفقودين قائلاً:
أشكركم جزيل الشكر على حضوركم رغم الظروف الجوية السيئة، بمناسبة السادس من شباط، اليوم الدولي لإحياء ذكرى الموتى والمفقودين على الحدود وفي البحار. هذا النشاط يُنفذ في أكثر من 23 دولة تضامنًا مع المفقودين الذين لم يحصلوا على العدالة حتى اليوم. نحن نشعر اليوم مع هؤلاء الشهداء الذين فقدناهم في البحار، وندرك عمق المأساة بكل أبعادها. شعارنا اليوم واضح: إذا لم يكن هناك عدالة، فلن يكون هناك سلام. “
“أهالي المفقودين لا يطالبون إلا بتحقيق العدالة. حين غادروا البلاد بمختلف جنسياتهم، كانوا يبحثون عن أمل في حياة كريمة لم يجدوها في وطنهم. لكن أن تُنتهك حقوقهم بعد ذلك، فهذا أمر لا يمكن السكوت عنه أو قبوله.”
لا بد من الإشارة الى المسار القانوني لثلاثة مراكب انطلقوا من لبنان. مركب نيسان الذي غرف في الشواطئ اللبنانية بتاريخ 23 نيسان 2022، مركب طرطوس في أيلول 2022 ومركب قبرص في كانون الأول 2023 فقد من خلاله 85 شخصا ما زال مصيرهم مجهول ولا معلومات عنهم حتى الآن.
عاش أهل طرابلس مأساة ومعاناة جراء غرق مركب نيسان ولم يحاسب احد بعد على هذا الجريمة حتى اليوم. أول مطالبنا كانت إحالة الملف الى المجلس العدلي. عندما طالبنا من رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي إحالة الملف، لم يُحال وانما أحيل الى النيابة العامة العسكرية. للأسف بعد أكثر من عام، مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية حفظه وأعتبر بإن ليس هناك من جريمة بل ادعى على أصحاب المركب وأحيل الملف الى النيابة الاستئنافية العامة في الشمال والتي بدورها حفظت الملف وأغلقته.
لقد تعاونا مع جمعيات متخصصة لانتاج تحقيق استقصائي عبارة عن فيديو ثلاثي الأبعاد في إعادة تمثيل الجريمة واثبتنا بالدليل القاطع هوية مرتكب الجريمة وتقدمنا به الى القضاء للتوسع بالتحقيقات وكشف الحقيقة
مركبي طرطوس وقبرص مازالا قيد النظر امام قاض التحقيق في الشمال على أمل كشف الحقيقة وتحقيق العدالة للضحايا المهاجرين في الايام القادمة.
“سنواصل مسارنا القانوني حتى نصل إلى العدالة في ملف المفقودين في البحار. والجدير بالذكر أنه منذ حوالي أسبوعين، وافق رئيس الحكومة وأوعز الى الهيئة العليا للإغاثة بتقديم المساعدات لأهالي مفقودي مركب نيسان، وذلك نتيجة الضغوطات والمتابعة المستمرة. فما ضاع حقٌّ وراءه مطالب.”
“تقدمنا بمشروع قانون يهدف إلى اعتبار ضحايا مركب نيسان من شهداء الجيش اللبناني. وقد وقّع على هذا المشروع عشرة نواب من ممثلي طرابلس في المجلس النيابي. المشروع أصبح اليوم بين يدي رئيس مجلس النواب نبيه بري، لذا نطالب المجلس بإعادة طرحه والموافقة عليه، بما يضمن اعتبار ضحايا مركب نيسان من شهداء الجيش اللبناني، وتمكين عائلاتهم من الحصول على التعويضات المستحقة.”
وختم صبلوح كلمته قائلاً: “العدالة يجب أن تستمر، ويجب أن تُطبق على الجميع. إذا لم تكن هناك عدالة، فلن يكون هناك سلام. فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية جوزف عون أقسم اليمين على استقلالية القضاء وتطبيق العدالة. اليوم، نحن ننتظر العدالة وكشف الحقائق المتعلقة بهذه القضايا، لا سيما ملفات المراكب الثلاث: مركب نيسان، قبرص، وطرطوس.”
وأخيرًا، وجّه جهاد متلج، والد المفقود قسرًا في لبنان هاشم متلج، مناشدة إلى رئيس الجمهورية اللبنانية، الذي تبنّى هذه القضية، داعيًا إياه إلى تحقيق العدالة ومساعدة الأهالي في الكشف عن مصير أبنائهم.
تخلّل النشاط رسم مباشر للوحة فنية مستوحاة من قصة حقيقية للشهيد الغريق الحي غازي قدور، الذي فقد أخاه غرقًا في البحر أمام عينيه. قام الفنان محمد الأبرش بإعداد هذه اللوحة تخليدًا لذكرى الموتى والمفقودين على الحدود وفي البحار. وقد تم الكشف عنها في ختام النشاط، حيث التُقطت صور جماعية ضمّت نوابًا وفعاليات من المنطقة إلى جانب أهالي المفقودين أمام اللوحة.