Cedar Centre For Legal Studies

دراسة حالة

ضمان الحقوق وإعادة التأهيل: رحلة قاصر لبناني بعد التعذيب

25/08/2025

الخلفية:

الحالة رقم VTC25-001 تعود لقاصر لبناني يبلغ من العمر 15 عاماً، جرى توقيفه بتاريخ 6 آب 2025 على خلفية جنحة تتعلق بإطلاق نار. تسلّم مركز سيدار للدراسات القانونية ملفه منذ البداية، وحضر التحقيق معه لدى الشرطة العسكرية في 7 آب 2025 بموجب توكيل خاص صادر عن ولي أمره. ومنذ ذلك الحين، اضطلع المركز بدور أساسي في متابعة قضيته، من خلال مواكبة جميع الإجراءات القانونية وضمان صون حقوقه وحمايتها، كما ينص عليه القانون 65/2017 (قانون معاقبة التعذيب).

جرى توقيف القاصر بعد مطاردته من قبل أحد العناصر الأمنية أثناء قيادته دراجة نارية، ما تسبب بوقوع حادث عرضي. وخلال إعتقاله وتسليمه إلى مركز الشرطة في مرفأ طرابلس، تعرّض للضرب والتعنيف. لاحقاً، جرى التحقيق معه بحضور محامية من مركز سيدار للدراسات القانونية ومندوب جمعية حماية الاحداث، حيث جرى توثيق آثار التعذيب بالصور.

نتيجة التعذيب، بدت على القاصر آثار واضحة من ضرب وكدمات، وكان يعاني من صعوبة في المشي. وكان من واجب الضابط في حينه تنظيم محضر بالواقعة واستدعاء طبيب لمعاينة الموقوف أو تحويله إلى المستشفى لإعداد تقرير طبي. وبالفعل، جرى التواصل مع الشرطة العسكرية لتأمين حضور طبيب شرعي، الذي وصل عند الساعة 10:30 مساءً، غير أنّه مُنع من إجراء الكشف الطبي.

الإطار الزمني للإجراءات القانونية

في 6 آب 2025، جرى توقيف القاصر VTC25-001 على خلفية جنحة إطلاق نار إثر مطاردة من أحد العناصر الأمنيين.

في 7 آب 2025، استلم مركز سيدار للدراسات القانونية ملف القاصر وحضر التحقيق معه لدى الشرطة العسكرية بموجب وكالة صادرة عن ولي أمره، حيث تولّى المركز متابعة حقوقه القانونية بالتنسيق مع  مندوب جمعية حماية الاحداث ، حيث جرى توثيق آثار التعذيب بالصور.

في 8 آب 2025، وبعد محاولات عديدة للاتصال بالمحقق دون جدوى، توجهت محامية المركز شخصياً إلى مركز الشرطة للاستفسار عن وضع القاصر، خصوصاً فيما يتعلق بنقله أو أي إجراء آخر بحقه. إلا أنها لم تجد المحقق أو الضابط المسؤول، فطلبت من رئيس القلم متابعة الإجراءات وتسريع عملية النقل.

وفي 11 آب 2025، عاودت المحامية حضورها للاستفسار عن مصير القاصر، فأبلغها الموظفون مجدداً بعدم وجود المحقق أو الضابط، إلا أن تنبيه أحد العناصر لحالته ساهم في الإسراع بمتابعة الإجراءات. ولاحقاً، أبلغ رئيس البرنامج القانوني في مركز سيدار، الأستاذ محمد صبلوح، المحامية بأن عناصر من فصيلة السويقة سيباشرون أخذ إفادة القاصر، وهو ما تم التأكد من إنجازه خلال نصف ساعة.

وفي 14 آب 2025، حضرت محامية المركز التحقيق مع القاصر لدى مفرزة طرابلس القضائية بناءً على إشارة القاضية، وبحضور الطبيب الشرعي المكلّف من قبلها أيضاً. وبعد مرور ثمانية أيام على توقيفه، كانت معظم آثار التعنيف قد اختفت عن جسده، ليصدر النائب العام لاحقاً قراراً بإخلاء سبيله بسند إقامة خلال 24 ساعة. وقد تسلّم مركز سيدار للدراسات القانونية القاصر فور خروجه، ضماناً لمتابعة ملفه وحمايته.

الخاتمة

تعرض القاصر VTC25-001 لتعنيف جسدي واضح خلال توقيفه، ولم تُتخذ الإجراءات الطبية الفورية لتوثيق حالته وحمايته. كان لمركز سيدار للدراسات القانونية دوراً محورياً في حماية حقوق القاصر، من خلال حضور التحقيق، توثيق التعذيب، متابعة الإجراءات القانونية، ومطالبة الجهات المختصة بالتصرف السريع. هذه المتابعة ساهمت بشكل مباشر في إصدار قرار إخلاء سبيل القاصر وضمان حريته بعد تعرضه للتوقيف والتعذيب.

سيتم متابعة ملف القاصر بعد خروجه من قبل المركز، كما سيتم إحالته إلى مركز سيدار لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب للاستفادة من الدعم النفسي والاجتماعي، الخدمات الطبية، والعلاج الفيزيائي إذا دعت الحاجة، وفق تقييم المركز لحالته.

لذلك، من الضروري إعادة تأهيل القاصرين الذين تعرضوا للتعذيب في مراكز الاحتجاز، لضمان سلامتهم النفسية والاجتماعية وحمايتهم من أي آثار سلبية طويلة المدى قد تطالهم او تطال المحيطين بهم. إن هذا التدخل الشامل لا يقتصر على معالجة الأضرار الفورية، بل يشمل متابعة حقوقهم ودعمهم لتحقيق اندماج كامل في المجتمع، بما يضمن لهم الحياة الكريمة والآمنة، ويعكس التزام المركز بحماية ضحايا التعذيب من أي مخاطر مستقبلية قد تهدد تطورهم النفسي والاجتماعي.

توصيات قانونية عملية بموجب القانون 65/2017:

  • إلزام الضابطة العدلية والنيابات العامة بالتحقيق الفوري والجاد في مزاعم التعذيب، سنداً للمادة 5 من القانون، وخاصة في قضايا القاصرين، مع ضمان عدم إفلات أي عنصر من المساءلة.
  • إلزام السلطات القضائية بإحالة الضحايا فوراً إلى الطب الشرعي المستقل، وعدم عرقلة الفحص الطبي كما حصل في هذه الحالة.
  • ضمان حق الضحية في التعويض وإعادة التأهيل، عبر تحويل القاصرين المعنّفين إلى مراكز متخصصة توفر خدمات نفسية واجتماعية وصحية.
  • إقرار بروتوكول عملي بين وزارة العدل والضابطة العدلية يضمن سرعة تحويل الموقوفين الذين ظهرت عليهم آثار تعذيب إلى المستشفيات والمراكز المعتمدة، بما يمنع إخفاء الأدلة.
  • إشراف دوري من قضاة الأحداث على أماكن احتجاز القاصرين للتأكد من خلوها من ممارسات التعذيب وسوء المعاملة، تماشياً مع التزامات لبنان الدولية.