رحلة عائلة طرابلسية مع اعادة التأهيل بعد مأساة مركب نيسان!
في طرابلس، المدينة التي تحمل على كاهلها عبء الفقر والانقسامات الاجتماعية، يعيش السيد VTC33 مع عائلته حياة مليئة بالتحديات والمصاعب. لم يكن الطريق أمامه سهلًا، فقد كان هو وعائلته ضحايا الاتجار بالبشر، ومرّوا بتجارب صعبة تركت أثرًا عميقًا في حياتهم وأرواحهم.
كانت واحدة من أشد اللحظات مأساوية حين غرق مركب في 23 نيسان 2022، قبالة جزر الميناء – طرابلس. فقد السيد VTC33 خلال هذه الحادثة ابنه الذي لم يكن يعرف السباحة. حسب ما قيل له، فقد تم انتشاله من البحر ونقله إلى المستشفى، لكن التفاصيل حول ما حدث لاحقًا كانت غامضة. لم تصل إليه أي أخبار مؤكدة عن مصيره، وما زال السؤال عن مصير ابنه يطارده يوميًا. هذه الخسارة العميقة غيّرت حياته بالكامل، وجعلته يغرق في اليأس والحزن العميق.
وسط هذا الألم الكبير، بدأ يفكر في الانتحار. كل يوم كان يبدو كمعركة مستحيلة بين الرغبة في الاستسلام وإرادة البقاء. لكن الحياة لم تتركه وحيدًا تمامًا.
بدأ السيد VTC33 وزوجته حضور جلسات منتظمة للدعم النفسي والاجتماعي إلى جانب جلسات العلاج الفيزيائي، متابعة طبية. هذه الجلسات ساعدتهما على التعبير عن مشاعرهما، مواجهة التوتر والضغوط النفسية الناتجة عن فقد الابن واكتشاف مرض الزوجة، والتعامل مع الألم الجسدي والمشكلات الصحية اليومية. تدريجيًا، بدأ السيد VTC33 يشعر بالاستقرار النفسي، واستعادة قدرته على التواصل الصحي مع من حوله، بينما تلقت زوجته الدعم اللازم للوصول إلى الرعاية الطبية الأساسية.
في تلك المرحلة الصعبة، تلقى هو وزوجته مساعدة نقدية من مركز سيدار لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب. كانت هذه المساعدة البسيطة نقطة تحول حقيقية في حياتهم. من خلالها تمكنوا من الوصول إلى رعاية طبية أساسية، وهو ما كشف لهم اكتشافًا جديدًا صادمًا، إصابة زوجته بالسرطان. على الرغم من أن هذا الخبر كان بمثابة ضربة جديدة.
يعيش السيد VTC33 اليوم مع زوجته المريضة، ابنته وابنها في نفس المنزل، ويشعر بمسؤولية كبيرة تجاههم. لم يعد الألم النفسي الشخصي هو محور حياته، بل أصبح يركّز على حماية ودعم من حوله.
بدأ VTC33 يشعر بالاستقرار النفسي لأول مرة منذ سنوات. عاد إلى العمل، وبدأ يرى أنه جزء مهم من حياة عائلته، وأن وجوده يمكن أن يكون سندًا لهم في مواجهة تحديات الحياة. ويعبر عن ذلك قائلاً: “كنت أعتقد أن حياتي بلا معنى، وأن لا حاجة لي في هذا العالم، لكن بعد الدعم النفسي والاجتماعي والمساعدة التي تلقيتها، أدركت أن وجودي مهم في حياة عائلتي، خاصة بعد اكتشاف مرض زوجتي. لا يمكن أن يكون كلانا ضعيفًا، علينا أن يكون أحدنا قويًا لدعم الآخر.”
الجدول الزمني للجلسات:
أيار 2025
بدأت علاقة الأسرة بالمركز من خلال الاستشارات الطبية العامة. حضر الرجل البالغ من العمر 57 عامًا استشارة لدى طبيب عام في 15 أيار، تلتها زوجته البالغة من العمر 48 عامًا في 29 أيار وركزت كلتا الزيارتين على الفحوصات الصحية الروتينية والرعاية الأولية.
حزيران 2025
حضرت ابنتهما البالغة من العمر 27 عامًا استشارة لدى طبيب عام في 24 حزيران. وخلال هذا الشهر، بدأ كل من الزوج والزوجة جلسات الدعم النفسي الاجتماعي في العيادة، حيث خضعا لتقييمات أولية وجلسات متابعة ركزت على الصحة النفسية والضغوط الأسرية، بما في ذلك قلق الزوج بشأن ابنه.
بالإضافة إلى ذلك، تلقى الزوجان جلسات علاج فيزيائي بسبب آلام أسفل الظهر، ألم عضلي، وصعوبة في الحركة لمسافات طويلة. أبلغ الزوج عن هذه الأعراض في 11 و20 حزيران، والزوجة في 17 حزيران.
تموز 2025
تركز الاهتمام بشكل رئيسي على الحالة الطبية للزوجة. تم عقد عدة جلسات متابعة لمراقبة حالتها الصحية، وتنسيق إحالتها لإجراء تصوير بالأمواج فوق الصوتية، وتقديم الدعم النفسي لها. ساعدها الفريق في العثور على مركز طبي مناسب في طرابلس.
واصل الزوج الإبلاغ عن آلام أسفل الظهر، ألم عضلي، وصعوبات في الحركة في 18 و22 تموز، إلى جانب جلسات الدعم النفسي الاجتماعي المستمرة.
آب 2025
واصل المستفيدون حضور الجلسات. أظهرت حالة الزوج علامات تدهور، وأوصت الأخصائية النفسية بإدخاله إلى المستشفى بشكل عاجل. بدأت عملية التنسيق مع مستشفى دار الزهراء لترتيب دخوله وتلقي العلاج. في الوقت نفسه، استمرت الزوجة في تلقي الدعم النفسي والطبي.
في 5 آب، تلقى الزوج مرة أخرى جلسات علاج فيزيائي لآلام أسفل الظهر والألم العضلي، إلى جانب الرعاية النفسية المستمرة. كما واصلت الزوجة تلقي الدعم النفسي والطبي.
أيلول 2025
شملت المتابعات هذا الشهر جميع أفراد الأسرة من الزوج، الزوجة، وابنتهما البالغة. أفاد الزوج بأن زوجته قد تم تشخيصها بسرطان الثدي وتستعد للخضوع لعملية جراحية. واصل المستفيدون الثلاثة تلقي العلاج الفيزيائي والدعم النفسي – الاجتماعي حسب الحاجة.
اليوم، أصبح السيد VTC33 مثالًا على القدرة على التحمل والنهوض من أعظم الأزمات. تعلم أن الألم والمأساة جزء من التجربة الإنسانية، لكن القوة والدعم يمكن أن يمنحاه الأمل من جديد. لم تعد حياته مجرد محاولة للبقاء على قيد الوجود، بل أصبحت رحلة لإعادة بناء ذاته وعائلته، والاعتناء بمن حوله، مع إدراك أن الصبر، القوة، والإرادة يمكن أن تكون مفاتيح الخلاص حتى في أحلك اللحظات.
لقد أصبح مركز سيدار بالنسبة له أكثر من مجرد مركز دعم؛ فهو أصبح ملاذًا يعيد بناء الحياة، ويدعم الناجين من الصدمات النفسية والاجتماعية من خلال الجمع بين العلاج النفسي، الخدمات الاجتماعية، والمساعدة الطبية والعلاج الفيزيائي، مما يمكّنهم من مواجهة تحديات الحياة بشجاعة.
هذه القصة، التي تحمل مزيجًا من المأساة والأمل، تعكس ليس فقط معاناة السيد VTC33 وعائلته، بل أيضًا قوة الدعم النفسي والاجتماعي وأهمية التضامن الإنساني في إعادة بناء حياة من فقدوا طريقهم وسط الأزمات.